اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 442
والندم لَغَفُورٌ يستر عنهم زلتهم رَحِيمٌ يقبل منهم توبتهم
ثم أشار سبحانه الى فضائل خليله صلوات الرّحمن عليه وسلامه وكمال كرامته ونجابة فطرته وطهارة أصله وطينته وعلو شانه ورتبته وارتفاع قدره ومنزلته فقال إِنَّ جدك يا أكمل الرسل إِبْراهِيمَ الخليل الجليل الذي اختاره سبحانه لخلته واصطفاه لرسالته قد كانَ أُمَّةً قدوة واماما مقتدى به حقيقا لائقا للاقتداء به في الأمور الدينية إذ كان قانِتاً مطيعا لِلَّهِ راغبا الى امتثال مأموراته طوعا مجتنبا عن منهياته رغبة حَنِيفاً مائلا عن الأديان الباطلة والآراء الفاسدة مطلقا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ في حال من الأحوال بل هو رأس الموحدين ورئيس ارباب التحقيق واليقين
شاكِراً لِأَنْعُمِهِ سبحانه صارفا لها الى ما قد جبلها الحق لأجله على الوجه الأعدل الا قوم المأمور من عنده سبحانه بلا تبذير ولا تقتير طالبا في صرفه وإنفاقه رضا الله بلا شوب شائبة من الرياء والسمعة لذلك قد اجْتَباهُ واختاره ربه لخلته واصطفاه لرسالته وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ موصل الى زلال وحدته بلا عوج وانحراف
وَمن كمال خلتنا ومحبتنا إياه قد آتَيْناهُ فِي الدُّنْيا من لدنا تفضلا عليه وإحسانا حَسَنَةً صورية بحيث لا ينقطع ولا ينفد آثار كرمه وجوده الى يوم القيمة وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ لقبولنا الواصلين الى صفاء وحدتنا
ثُمَّ بعد ما ذكرنا لك يا أكمل الرسل نبذا من كمال استحقاقه ولياقته للمتابعة والاقتداء به قد أَوْحَيْنا إِلَيْكَ يا أكمل الرسل تعظيما لشأنك ولشأنه عليه السّلام أَنِ اتَّبِعْ في إيصال الدعوة وتبليغ الرسالة واظهار الدين والاحكام وكذا في الرفق والتليين مع الأنام والحلم والتواضع معهم على ابلغ وجه ونظام مِلَّةَ إِبْراهِيمَ اى خصلة جدك الخليل الجليل عليك وعليه الصلاة والسّلام إذ قد كان هو في نفسه وملته ايضا بحسب حَنِيفاً مائلا عن كلا طرفي الإفراط والتفريط في عموم الأطوار والأخلاق والأفعال والأقوال وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ المستكبرين لا في خلق من الأخلاق ولا في وصف من الأوصاف بل قد كان دائما مستويا على جادة التوحيد وعدالة اليقين والتحقيق لذلك صار اماما للأنام وقدوة لهم الى يوم القيام.
ثم قال سبحانه تعييرا على المشركين وتقريعا إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ اى ما قدر وفرض لحوق وبال يوم السبت وانواع العقوبات والمسخ عن لوازم الانسانية الا عَلَى المشركين الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وجادلوا مع نبيهم في تعيينه واختياره إذ قد أمرهم موسى عليه السّلام بتعظيم يوم الجمعة واتخاذها عيدا فأبوا معللين ان الله قد فرغ من خلق السموات والأرض في يوم السبت فنحن نوافقه ونتخذه عيدا فألزمهم الله تعظيم السبت وتحريم الصيد فيه فاحتالوا للاصطياد فيه فاصطادوا بالمكر فمسخهم الله ولحقهم من الوبال ما لحقهم في النشأة الاولى وَإِنَّ رَبَّكَ يا أكمل الرسل لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ويجادلون مع الرسل فيجازيهم ويعاقبهم على مقتضى ما صدر عنهم من الجرائم والآثام ثم أشار سبحانه الى تتميم تكريم حبيبه وتعظيم رتبته وتهذيب أخلاقه وتكميل حكمته في رسالته وتعميم رأفته ورحمته الى عموم البرية وكافة الخليقة إذ هو مبعوث على الكل بالرحمة العامة وهو خاتم الرسالة والنبوة ومكمل امر التشريع والتكميل إذ العلة الغائية والمصلحة العلية في عموم الشرائع والأديان وفي مطلق الإنزال والإرسال ما هي الا ظهور مرتبته ومكانته التي هي الدعوة الى التوحيد الذاتي ومتى ظهرت فقد كملت وتمت لذلك نزل في شأنه عليه السّلام كريمة اليوم أكملت لكم دينكم الآية وهي آخر آية نزلت من القرآن وقال ايضا صلّى الله عليه وسلّم بعثت لأتمم مكارم الأخلاق فقال
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 442